القديس الشهيد ماكسيمليانو-ماريا كولبي

5- مدينة الحبل بلا دنس

عام 1919 وبعد سيامته كاهنًا، عُيّنَ مُدرّسًا في إيكليركية كراكوفا-بولندا، إلّا أنّ تراجع صحّته جرّاء إصابته بالسلّ الرئويّ، منعه من أداء مهامه. فأوكلته الرهبنة بممارسة سرّ الإعتراف.
ولكنّ حالته الصحيّة ازدادت سوءًا، فأُرسل حينها إلى مشفى زاكوباني Zakopane، حيث لم تستطع الأمراض أن تُضعِف من غيرته على خلاص النّفوس، فراح يزرع في قلوب المرضى حُبّ مريم العذراء.
بعد فترةٍ طويلةٍ من العلاج والخلوة والصّمت، حضّر لعملٍ رسوليّ لم يشهد العالم نظيره من قبل، وهو إنشاء ديرٍ كبيرٍ باسم”مدينة الحبل بلا دنس” City of the Immaculate (Niepokalanów).

بُني هذا الدّير  في “فارسافا” عام 1927 حيث أسّس الأب ماكسيميليانو مطبعة تُعنى بنشر التعبّد للعذراء البريئة من الدنس. (أُسّست أوّلًا في غروندو، ونُقلَت بسبب كثرة المُقبلين إليها) وقد سُمّي “مدينة” لأنّه حوى على حوالي 8 مئة أخٍ، يعيشون في الفقر والصّلاة المستمرّة والإماتة، ويعملون على طباعة مجلّةٍ شهريّة تنشُر تعاليم الكنيسة ولا سيّما تلك التي تتعلّق بالعذراء مريم في العالم كلّه.

ثمّ أسّس فرعًا ثانيًا لنسخةٍ يابانيّة للمجلّة، في ناكازاكي-اليابان عام 1930، تحت اسم “حديقة الحبل بلا دنس”.
بعد نجاح الرسالة في اليابان، عيّنته الرهبنة مسؤولًا عن “مدينة الحبل بلا دنس” في بولندا.
وإذ كان مُلهَمًا بأنّ نهايته أضحت وشيكة، أمضى كلّ وقته في إعطاء الإخوة محاضرات روحيّة متواصلة، كانت مصدر قوّةٍ روحيّة كبيرة لهم.


 مدينة الحبل بلا دنس - نيابوكالانوفا- Niepokalanów بولندا

6- نهب المطبعة والاستشهاد البطوليّ

بعد ذلك بقليل، احتلّت النازيّة الألمانيّة بولندا في أيلول 1939، واعتَقلت الأب ماكسيمليانو مع عدّة إخوة، وسُجنوا لمدّة شهرين.
ونهبت النازيّة المطبعةَ ودارَ النشر الرسوليّة… وتحوّلت “مدينة الحبل بلا دنس” إلى ملجأٍ للعائلات واليهود والضحايا… وكان يدعوهم إلى محبّة أعدائهم والمغفرة لهم.

في 17 شباط 1941، اعتَقَل الألمانُ الأب ماكسيمليانو مرّةً ثانيةَ، عند انتهائه من كتابة آخر مقالٍ لاهوتيَّ والأكثر شموليّة له، تناول عن هويّة العذراء مريم باتّحادها الكامل بالروح القدس برباط المحبّة.
وفي حزيران من السنة نفسها، هرب أحد المساجين من إحدى ثكنات مُعتقل الأسرى، فاختير رجلٌ من بينهم ليُقتل بالتجويع، فيكون مَثلًا لمن يريد الهروب بعده.
فتطوّع الأب ماكسيمليانو ليحلّ مكان ذلك السجين في العقاب الذي كان يصرخ: “يا لزوجتي المسكينة! يا لأطفالي المساكين!” علمًا بأن الأب القدّيس لم يكن ضمن رجال الثّكنة نفسها!

وفي ليلة عيد انتقال أمّنا العذراء، في 14 آب 1941، توَّجت أمّ الله عبدها بإكليل الاستشهاد الأحمر!  إذ بعد أسبوعين من دون أيّ طعام، قُتل الأب ماكسيميليانو بحقنةٍ من أسيد الكاربوليك في الدّم!

7- تقديسه

أعلنه البابا بولس السّادس طوباويًا عام 1971، أمّا البابا يوحنّا بولس الثاني عام 1979 فعيّنه “شفيع زمننا الصّعب”، وأعلنه قديسًا عام 1982. وهو أيضًا شفيع المدمنين على المخدّرات، والمساجين، والعائلات، والحركات المدافعة عن الحياة (ضدّ الإجهاض والقتل الرحيم)، والصّحافيّين.

Watch Video About St Maximiliano Kolbe in English 

 

صلاة تكريس الذات للعذراء مريم:
(للقديس ماكسيمليانو ماريا كولبي)

“يا سلطانة السّموات والأرض البريئة من الدنس، يا ملجأ الخطأة، وأمّنا الحبيبة جدًا، لقد أراد الله أن يَكِلَ إليك كلّ مراحمه.
فها أنا ذا الخاطئ غير المستحقّ، ألقي نفسي عند قدَمَيكِ، وأتوسّل إليك باتّضاع أن تأخذيني بكُلّيتي، مع كلّ ما أملِك، كخاصّتكِ  ومُلكِكِ.
فاصنعي، أرجوكِ، بكافّة قواي النفسيّة والجسديّة، وحياتي بأسرها، وموتي وأبديّتي، كلّ ما يرضيكِ لكِ!

وإن كان يرضيكِ، إستخدميني بكُلّيتي ومن دون تحفّظٍ، لتُحقّقي كُليًّا ما قيلَ عنكِ: “وهي تسحقُ رأسكِ {أيّتها الحيّة}”، وأيضًا: “أنتِ وَحدكِ قد دمّرتِ جميع هرطقات العالم بأسره.”
إجعليني أداةً قديرةً بين يدَيكِ الطّاهرِتين والكلّيتا الرحمة، لأُعلِنَ مجدكِ وأرفعه إلى أعلى الدرجات في العديد من النفوس الضّالة وغير المبالية، وبهذا أُسهِمُ بقدر الإمكان بنشر ملكوت قلب يسوع الأقدس. لأنّكِ حيثما دخلتِ، تجلُبين نعمتَي الاهتداء والقداسة، بما أنّه عبر يديكِ تمرّ إلينا كلّ النعم من قلب يسوع الأقدس.”
– إجعليني أهلًا لمديحكِ أيتها العذراء القديسة
– وقوّيني للانتصار على أعدائكِ

 

تابعونا على صفحة الفيسبوك:
قلب مريم المتألم الطاهر

You may also like...