القديس الشهيد ماكسيمليانو-ماريا كولبي

1- الطّفولة وظهور العذراء
وُلِد راموندو كولبي، في 8 كانون الثاني 1894 فيZduńska-Wola (بولندا) ضمن عائلةٍ من ثلاثة صبيان؛ كانت قد عانت كثيرًا جرّاء احتلال البلاد من قِبل روسيا وبروسيا والنمسا. وكان أبوه مواطنًا من الطبقة العاملة.
منذ طفولته، كان راموندو يحلم بعودة الوحدة الى بلاده، بجهود جنود”سيّدة تشيستوكوفا” Our Lady of Czestochowa.

 دفعه تعبّده الحارّ للعذراء مريم أمّ الله، إلى القيام بأمورٍ عظيمة، والفضل بذلك يعود إلى أمّه التي نَشّأته منذ نعومة أظافره على تلاوة التبشير الملائكي والورديّة وطلبة العذراء.
وعلى الرغم من ذلك، كان يتمتّع بطبعٍ شقيٍّ ومزعج، ما دفع بأمّه مرّةً إلى توبيخه قائلةً: “أيُّ خيرٍ ستحقّق في حياتِك إن استمرّيت بسلوكك الشّقيّ هذا؟” وكان لا يزال في العاشرة من العمر.
حينها راح يبكي بتواضعٍ أمام تمثال العذراء، مُردّدًا لها السؤال نفسه. فظهرت له مريم أمّ الله تحمِلُ تاجَين، الأوّل باللّون الأبيض، والثاني بالأحمر، طالبةً منه أن يختار واحدًا. فاختار الإثنين: الأبيض ليحافظ على طهارته ومحبّته الدائمة لله ولها، والأحمر ليكون شهيدًا!

 

2- الدّعوة والترهّب

في عمر الثالثة عشر، تأثّر راموندو كثيرًا بوعظ أخوَين من الرّهبنة الفرنسيسكانيّة خلال رسالةٍ تبشيريّةٍ لهما.
وبعد فترةٍ وجيزةٍ، دخل مع أخيه الإكليريكيّة الصّغرى للرّهبنة نفسها، حيث ازدادت رغبتُه في القداسة أكثر فأكثر.
فلم يفوّت فرصةً واحدةً للقيام بالتضحيات، ولِيقتلع من نفسه كلَّ ميلٍ غير قويمٍ. وكانت الصّلاة دعامة روحه الكبرى، كذلك سجوده لساعاتٍ طويلةٍ أمام القربان الأقدس. كما راح أيضًا يُغذّي في نفسه حبًّا حنونًا وعميقًا للعذراء مريم.

في 4 تشرين الثاني 1910، ارتدى ثوب الإبتداء واتّخذ اسم “الأخ ماكسيمليانو-ماريا”. ونظير كلّ القديسين، تعرّض للكثير من التجارب والمصاعب والشكوك خلال سنوات تنشئته…
كان قلبه السّخيّ والشّجاع، يدفعه إلى القيام بأمورٍ عظيمةٍ للعذراء، ويلهمه بترك الرهبنة للإنضمام إلى الجيش من أجل الدفاع عن بولندا تحت حماية مريم. غير أنّه اكتشف أنّ الله يدعوه إلى معركةٍ روحيّةٍ أسمى ألا وهي خلاص النفوس.

3- عطشٌ الى المسيح و”ميليشيا العذراء”

بعد أن بدأ بدارسة اللّاهوت، وجد فرصةًا ليُعبّر عن شدّة حبّه للعذراء البريئة من الدنس. ومن ناحيةٍ أخرى كانت التنشئة الفرنسيسكانيّة تزيد عطشه إلى المسيح، وتزيد فهمه إلى أهميّة أولويّة يسوع في حياته الروحيّة، وإلى انتصار مُلْك قلبه الأقدس.
وبعد أن فهِم أنّ قوّة المسيح وحبّه الفدائيّ تحقّقا بِملئهما في العذراء مريم، اكتشف أنّ على المرء ليصير قديسًا أن يتحوّل –بنعمة الله- إلى صورة المسيح التي تُمثّلها العذراء بأكبر كمالٍ على الإطلاق.
والعذراء مريم لكونها بريئة من الخطيئة وممتلئة نعمةً، تستمدّ لنا النّعمة من الله باتّحادها بالروح القدس، إذ هي عروسته.
ألهَمه الإيمان الفرنسيسكانيّ هذا بتأسيس حركةٍ، تُبنى على الحقيقة العقائديّة لدور مريم في خلاص الإنسان وتقديسه. دورًا، يقود الإنسان على الطريق الأسرع والأسهل والأضمن، ليصير شَبَه يسوع.
على إثر ذلك، تأسَّست الحركة بموافقة الكنيسة، تحت اسم: “ميليشيا العذراء” (نقلًا عن اللّغة الأمّ وتعني: جيش- جنود)، مع ستّة رهبان تكرّسوا بالكامِل للعذراء.

4- شرّ الماسونيّة في الفاتيكان

خلال دراسته للّاهوت في روما،  شهد القدّيس ماكسيمليانو على تظاهرات وتمرّدات شرسة ضدّ البابويَن بيوس التّاسع الطوباويّ (الّذي أعلن عقيدة الحبل بلا دنس)، وبنيدكتوس ال14، خلال احتفال الماسونيّة لذكراها الـ200 المشؤوم في ساحة الفاتيكان، عام 1917 (خلال السّنة التي ظهرت فيها العذراء في فاطيما).
ويروي القديس كيف علّقت الماسونيّة راية سوداء ضخمة على حيطان الفاتيكان تمثّل الشيطان -خزاه الله- يدوس رئيس الملائكة ميخائيل الممجّد، ويكيف شاهد الماسونيّيون يحملون كتابات: “يجب على الشيطان أن يملك في الفاتيكان، وعلى البابا أن يكون عبده”؛ (راجع نبوءة لاساليت) ما جعله أكثر غَيرةً للعمل في سبيل مجد الكنيسة وارتداد الماسونيّين، والقضاء على الماسونيّة، من خلال انتصار العذراء مريم الأخير على الشيطان ومملكته في العالم.

(إفتح الصفحة رقم 2)

You may also like...