استشهاد القديس فيديل (Fidele) الكبّوشيّ، (1577- 1622) على يد البروتستانت

 القديس الشهيد الإلماني فيديل الكبوشي (1577- 1622)
هو أوّل شهيد لانتشار الايمان، ومحامي المُرسَلين، بعد الانشقاق البروتستانتي وثوراتهم …. إليكم قصّة استشهاده !!

قاوم هذا القديس التمرّد البروتستانتي بكلّ شجاعة… واشتهر بقوّة الوعظ والخطابة ضدّ هذه الهرطقة، كما وضدّ كل أنواع الرذائل التي فتكت بالشعب… لا سيّما خطايا الدّنس وقلّة الحشمة والبذخ…

أمّا في 24 نيسان 1622، وفيما هو يعظ في إحدى كنائس منطقة الجريزون، هبّت ثورة في المدينة وأشعل الثوار البروتساتنت الكنيسة وقتلوا الحرّاس حولها، وفرّ المؤمنون من الكنيسة، ولكن الأب فيديل ظلّ على المذبح يعظُ …

ثمّ خرج من الكنيسة، هجم عليه ٢٥ مشاغبٌ، مسلّحين بسيوفٍ ومضارب رأس، واستولى هؤلاء الوحوش الضارية على فريستهم، وقال أحدُهم: “هل تريد أن تقبل إيماننا أم لا؟”

فأجاب الأب:
“ما أتيتُ إلى هنا لأصير هرطوقيًّا بروتستانتيًّا بل لأستأصل هذه الهرطقة، وأعيدكم إلى الدّيانة الحقيقية الكاثوليكية. إنّني أرجو وأثق أنّكم ستعودون إلى إيمان آبائكم”.


بَقِي العُتاة مُندهشين بُرهةً، ثمّ استعادوا قوّتهم وشجاعتهم وصاحوا: “أيّها الراهب القبيح، أنت، إذن، تدَّعي أنّك تعلّم ديانة غريبةً، وتغرسها في بلادنا!”
ثم اقترب أحدهم واسمه “ريادارار”، من الأب وهو يصرف بأسنانه كوحشٍ حقيقيٍّ وقال:
“أتريد أن تعتنق إيماننا الإصلاحيّ أم لا؟”
ودون أن ينتظر الجواب استلّ سيفه وهزّه في الهواء، وضرب رأس الأب فيديل، فجرحه جُرحًا بليغًا فصرخ الأب:
“يا يسوع ومريم أسرِعا إلى مساعدتي” ووقع على ركبتيه سابحًا في دمه.



إنّ المشهد حريّ بآكلي اللّحوم البشريّة: جعل الجلاّدون يَنخرونه ويضربونه بأسلحتهم، ثمّ عالجه أحدٌ آخر واسمه كريستيان سلكسير بضربةٍ ثانيةٍ على رأسه، ففُتِح جُرحًا آخر واسعًا. وجهبار، والفتى رودولف هيلدبراند، ضربوه ثالثًا ورابعًا. وآخرٌ ثقبه بَرفثه.
وهكذا أشبع هؤلاء النّمور كَلَبَهُم. وبِضربِ السّيوف والعصي، تلذّذ هؤلاء البرابرة، بكسر ضلوعه وخاصرته اليُمنى، وقطعوا ساقه ورِجله الشمال.

أمّا الشهيد فلم يخسر شيئًا من هدوئه وعقله، ولا من صفاء وجهه. وبقدر ما كانوا يشبعونه ضربًا كان يزداد فرحًا وبهجةً، وبقي مبتسمًا إلى آخر نسمةٍ.
وفيما هو ممدودًا على الأرض، وعيناه شاخصتان نحو السماء، كان يُتمتم بصوتٍ ضعيفٍ:
“يا رب إغفِر لأعدائي – يا يسوع ومريم ساعداني!”
قال هذه الصلاة لأجل جلاديه بفرحٍ وهدوءٍ، كأنّه نال منهم دواعي الشّرف والتكريم.

أخيرًا لما ظنّه الجلّادون على وشك الاحتضار، تركوه على أرض سلجاناس، الّتي صُبِغت بدم شهيدٍ، وكانت الساعة الحادية عشرة في الرابع والعشرين من نيسان سنة، في الأحد الرابع بعد الفصح.
في السّاعة حيث القديس فيديل أسلم الروح في حقل سلجاناس، رآه راهبٌ كبيرُ الفضيلة، صاعدًا إلى السماء لابسًا ثوبًا ذهبيًّا ومتلألئًا كالشمس.
أمّا على الأرض التي ضمّت جِسمه الطاهر، تفتّحت زهرةٌ، بجمالٍ خارق العادة، وانتشرت منها رائحةٌ لذيذةٌ.
وبهذا، أراد الله أن يظهر بذلك أنّ عبده الأمين أزهر في السماء بنقاوة طهارته البتولية، وبأرجوان دمه، بينما على الأرض يداوم انتشار رائحة فضيلته.

صلاتُه معنا، ومن أجل إخوتنا البروتستانت المُنشقّين. آمين

عيده في 24 نيسان من كلّ سنة

من كتاب: “السيرة الذهبيّة للرهبنة الكبوشيّة”

تابعونا على الفيسبوك:
قلب مريم المتألم الطاهر

You may also like...